في تطور علمي مذهل، تمكن الباحثون من تسلسل أول جينوم بشري كامل من مصر القديمة باستخدام أسنان رجل مسن عاش في الفترة التي بنيت فيها الأهرامات الأولى. يكشف هذا الاكتشاف عن تفاصيل جديدة حول أصول سكان مصر القديمة وتأثيرات الأنماط الوراثية من الثقافات المجاورة.
تسلسل الجينوم من مصر القديمة
تمكن فريق من العلماء من استخراج جينوم بشري كامل من بقايا رجل عاش منذ حوالي 4,500 إلى 4,800 سنة. تعود هذه الفترة إلى المملكة القديمة، أو ما يُعرف بعصر الأهرامات في التاريخ المصري. تشير التحاليل إلى أن أصول هذا الرجل تتشابه مع أصول السكان القدماء لشمال أفريقيا، بالإضافة إلى سكان الشرق الأوسط.
يلقي هذا الاكتشاف الضوء على العلاقات الثقافية والجينية بين الحضارات القديمة في المنطقة. وقد قوبل هذا الإنجاز بحماس كبير من قبل العلماء الذين كانوا يأملون في الحصول على DNA قديم من المومياوات المصرية منذ فترة طويلة.
التحديات في استعادة DNA من مصر القديمة
لقد كانت هناك محاولات عديدة لاستعادة DNA من بقايا مصرية قديمة. في عام 1985، أبلغ عالم الجينات التطورية سفانتي بابو عن أولى تسلسلات DNA القديمة من مومياء مصرية عمرها 2,400 سنة، لكنه اكتشف لاحقًا أنها كانت ملوثة بـDNA حديث.
تساهم الظروف المناخية في شمال أفريقيا وعمليات التحنيط في تسريع تحلل DNA، مما يشكل تحديًا كبيرًا للباحثين. إلا أن الاكتشاف الأخير تم من بقايا دفنت في وعاء خزفي قبل انتشار التحنيط على نطاق واسع، مما ساعد في الحفاظ على DNA بشكل أفضل.
تحليل الجينات واكتشافات جديدة
أظهرت تسلسلات الكروموسوم Y أن البقايا تعود لرجل، وأن غالبية DNA الخاص به يشبه DNA المزارعين القدامى من فترة النيوليثيك في شمال أفريقيا. بينما تطابق الباقي مع سكان بلاد ما بين النهرين، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الروابط الجينية والثقافية بين الحضارات القديمة.
على الرغم من أن العظام أظهرت علامات على التهاب المفاصل وهشاشة العظام، إلا أن هذه الاكتشافات تقدم لمحة عن حياة رجل مسن في تلك الحقبة، حيث تشير الأدلة إلى أنه عاش حياة مليئة بالعمل الجسدي الشاق.
الخاتمة
يعتبر نشر مجموعة بيانات الجينوم بالكامل لإنسان مصري قديم إنجازًا كبيرًا في علم الوراثة المصري. ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن هذه البيانات تعود لفرد واحد، ولا تمثل بالضرورة التنوع الجيني الواسع لمصر القديمة. يحفز هذا الاكتشاف الأمل في الحصول على المزيد من البيانات الجينومية القديمة من مصر، مما سيساهم في فهم أعمق لتاريخ البشرية وتفاعلاتها الثقافية والجينية.