إنجاز تاريخي في زراعة الأعضاء: الرئة المعدلة جينياً من الخنزير إلى الإنسان

أعلن العلماء مؤخراً عن نجاحهم في إبقاء رئة خنزير معدلة جينياً حية داخل جسم إنسان، ولو لفترة وجيزة، وهو إنجاز يعتبره البعض خطوة مبكرة نحو اختراق طبي طال انتظاره. ومع ذلك، يشير آخرون إلى أن الطريق لا يزال طويلاً.

تحديات زراعة الأعضاء من الحيوانات إلى البشر

مع الطلب المتزايد على الأعضاء البشرية الذي لا يلبي سوى جزء بسيط من الحاجة، يحاول العلماء منذ عقود تحويل الخنازير إلى متبرعين منقذين للحياة. تقترب العديد من أعضاء الخنازير في حجمها وتركيبها من الأعضاء البشرية، كما أن الخنازير تتكاثر بسرعة وسهلة التربية في بيئة خالية من الأمراض. لقد نجح الباحثون في زراعة كلى وكبد وقلوب من الخنازير إلى البشر، لكن الرئتين كانت تحدياً صعباً بسبب تعقيدها الفسيولوجي.

تحتوي الرئتان على العديد من الأوعية الدموية والخلايا البيضاء المعروفة باسم البلعميات التي تحيط بالبكتيريا والفيروسات وتقتلها. هذه الخلايا تنتج استجابات مناعية بسرعة، لكنها تميل أيضاً إلى تحفيز التهاب سريع ومحتمل أن يكون قاتلاً عند استعادة تدفق الدم بعد تقليله خلال جراحة الزرع.

الخطوات التجريبية للرئة المعدلة جينياً

قام فريق من العلماء في جامعة جوانزو الطبية في الصين بزراعة رئة خنزير في جسم متلقي يبلغ من العمر 39 عاماً كان قد تم الإعلان عن وفاته دماغياً. استخدم الباحثون تقنية تحرير الجينات CRISPR لتعديل ثلاثة جينات في الخنزير تستهدفها الأجسام المضادة البشرية. كما أضافوا ثلاثة جينات بشرية للمساعدة في منع الرفض.

ظلت الرئة المزروعة تعمل لمدة تسعة أيام ولم تُرفض على الفور من قبل جسم الإنسان. ومع ذلك، أبلغ العلماء عن علامات تلف في نسيج الرئة بعد يوم واحد من الجراحة بسبب نقص الأكسجين خلال عملية الزرع، وظهرت أولى علامات الرفض بواسطة الأجسام المضادة في اليومين الثالث والسادس.

تحسينات مطلوبة للمستقبل

أوضح المؤلفون في دراسة نشرت في مجلة Nature Medicine أن العملية تحتاج إلى تحسينات كبيرة، مثل تحسين التعديلات الجينية للخنزير والأدوية المثبطة للمناعة المستخدمة لتجنب الرفض طويل الأمد للعضو. لم يرد أي من المؤلفين على طلبات إجراء مقابلات من مجلة Scientific American.

يرى بعض الخبراء أنه لا ينبغي إضافة المزيد من التعديلات الجينية بشكل أعمى، بل يجب اختبار كل تعديل بشكل منفصل عن طريق زراعة الأعضاء في حيوان البابون، وهو أحد الرئيسيات التي تُستخدم غالباً كخطوة اختبار قبل البشر.

التقدم المستقبلي في زراعة الأعضاء من الحيوانات للبشر

أدى التخفيف الأخير للقوانين التنظيمية في بعض الدول إلى توسيع فرص الجراحين لتجربة عمليات زرع من الخنازير إلى البشر. ومن المرجح أن يتم محاولة المزيد من هذه العمليات في السنوات القادمة.

نجحت زراعة الكلى من الخنازير إلى البشر في الأعوام الأخيرة، حيث عملت هذه الأعضاء بشكل جيد نسبياً. يعيش شخصان حالياً بكلى خنزير، أحدهما في الصين منذ مارس والآخر في الولايات المتحدة منذ يناير.

الخاتمة

يعتبر هذا الإنجاز خطوة أولى صعبة ولكنها ضرورية لتطوير عمليات زراعة الأعضاء من الخنازير إلى البشر التي قد تنقذ آلاف الأرواح يوماً ما. على الرغم من أن التقدم سيكون بطيئاً، إلا أن كل خطوة في هذا المجال تعتبر حاسمة.

Scroll to Top