الذكرى 350 لمرصد غرينتش الملكي: مهد الفلك الحديث

يعد مرصد غرينتش الملكي، الذي يحتفل بالذكرى الـ350 لتأسيسه في 22 يونيو، من أبرز المعالم التاريخية في علم الفلك الحديث. تأسس المرصد لحل مشكلة طويلة الأمد تتعلق بالملاحة البحرية، وهو الآن يعتبر مركزًا للبحث الفلكي وحفظ الوقت والملاحة.

بداية القصة

بدأت قصة مرصد غرينتش الملكي في عام 1675 عندما قرر الملك تشارلز الثاني أن هناك حاجة إلى مؤسسة علمية مخصصة لحل مشكلة الملاحة البحرية. في القرن السابع عشر، كانت الملاحة البحرية هي الوسيلة الوحيدة للاتصال بين الأمم، وكان من الضروري إيجاد طريقة لتحديد الطول الجغرافي للسفن.

تم تعيين جون فلامستيد كأول “مراقب فلكي”، وكان الهدف الرئيسي هو إيجاد وسيلة لقياس الطول الجغرافي بدقة، مما سيمكن قادة السفن من التنقل بين القارات.

التطورات العلمية والابتكارات

على مدار العقود، ساهم العديد من العلماء والفلكيين في تحقيق هدف المرصد الأصلي. تم إنشاء أول تقويم بحري، والذي كان يحتوي على جداول تتنبأ بمواقع القمر والنجوم. كما تم تطوير ساعة معقدة من قبل جون هاريسون والتي كانت تعمل على السفن المتحركة.

بحلول عام 1880، كانت ثلثا السفن العالمية تستخدم الخرائط التي تعتمد على خط غرينتش كمرجع. ولهذا، عندما عقد مؤتمر في عام 1884 لتحديد خط الزوال الأول العالمي، كان اختيار غرينتش هو الخيار الواضح.

التحديات والتغيرات

واجه المرصد العديد من التحديات، بما في ذلك المنافسات العلمية بين الفلكيين والشخصيات العلمية البارزة مثل إسحاق نيوتن. كما تعرض الموقع لمحاولة تفجير من قبل فوضويين في عام 1894، وأضرار ناجمة عن الحرب العالمية الثانية.

مع مرور الزمن، أصبحت غرينتش غير ملائمة للرصد الفلكي الدقيق بسبب التلوث الضوئي والضوضاء والاهتزازات. في عام 1948، تم نقل معظم التلسكوبات والفلكيين إلى قرية هيرستمونكزو.

عصر جديد للمرصد

في العصر الحديث، أصبح مرصد غرينتش مركزًا تاريخيًا ومتحفًا يعرض إنجازات علم الفلك. يضم المرصد عروضًا فلكية، وورش عمل، وجولات تعليمية تهدف إلى إلهام الجيل القادم من الفلكيين.

التلسكوب الفلكي آني موندر، الذي يستخدم في الموقع الآن، يسمح للعلماء بمواصلة الرصد الفلكي باستخدام تقنيات حديثة لم يكن الفلكيون السابقون يتخيلونها.

الخاتمة

يظل مرصد غرينتش الملكي رمزًا مهمًا في تاريخ علم الفلك، حيث يجمع بين التراث والتكنولوجيا الحديثة. يعكس المرصد تطور العلوم الفلكية وكيف يمكن للمؤسسات التاريخية أن تستمر في إلهام الأجيال الجديدة.

Scroll to Top