على شواطئ خليج هدسون في شمال شرق كندا، تقع ما قد تكون أقدم الصخور في العالم، والتي تشير الدراسات الحديثة إلى أنها تعود إلى 4.16 مليار سنة على الأقل. هذه الصخور، المعروفة باسم حزام نوڤواغيتوك الأخضر، هي القطعة الوحيدة من قشرة الأرض المعروفة التي نجت من أقدم عصور الكوكب.
اكتشاف حزام نوڤواغيتوك الأخضر
في عام 2008، أبلغ الباحثون لأول مرة أن هذه الصخور تعود إلى 4.3 مليار سنة، وهو ادعاء قوبل بالتحدي من قبل علماء آخرين. إلا أن العمل الذي نُشر مؤخرًا في مجلة Science يؤكد أن هذه الصخور تحطم الأرقام القياسية.
يقول الباحثون إن هذه التشكيلة الصخرية تقدم نافذة فريدة إلى الأرض في مراحلها المبكرة، بعد أن بردت من ولادتها النارية قبل 4.5 مليار سنة.
التحديات والجدل العلمي
تسببت مسألة “أقدم الصخور” في حدوث بعض الجدل. في السنوات القليلة الماضية، قامت فرق أخرى بأخذ العديد من العينات من حزام نوڤواغيتوك، مما أدى إلى تشويه المنظر الطبيعي. ونتيجة لذلك، أغلقت المجتمع المحلي للإنويت الوصول إلى الصخور لمنع المزيد من الأضرار.
على الرغم من أن هناك عينات جيولوجية قليلة في العالم تعود إلى أكثر من 3.8 مليار سنة، فإن الصخور الأقدم التي لا جدال فيها توجد في تشكيل الجرانيت أكاستا في الأقاليم الشمالية الغربية بكندا، والتي تعود إلى 4 مليارات سنة.
الإثبات العلمي والتقنيات المستخدمة
اعتمد فريق أو’نيل في عملهم على تحليل البصمة الكيميائية التي تركها تحلل النظير ساماريوم-146 إلى نيوديميوم-142 لتحديد عمر الصخور. هذا النظير قصير العمر استنفد في أول 500 مليون سنة من عمر الأرض.
في عملهم الأخير، حلل فريق أو’نيل بعض الصخور التي كانت منصهرة سابقًا والتي اخترقت الصخور الرئيسية لحزام نوڤواغيتوك. باستخدام ساعتين مشعتين، توصلوا إلى أن الصخور المخترقة تعود إلى 4.16 مليار سنة على الأقل.
ردود فعل المجتمع العلمي
أكدت الدراسة الجديدة على أهمية وجود دليل متفق عليه حول عمر الصخور، حيث أشار الجيوكيميائي برنارد بوردون إلى أن توافق الساعتين المشعتين على نفس العمر يعزز الحجة لصالح العمر الهدياني لهذه الصخور.
علق ريتشارد كارلسون، جيوكيميائي في مؤسسة كارنيجي، بأن الأدلة تشير بقوة إلى أن الصخور فعلاً هديانية، لكنه أشار إلى الحاجة إلى مزيد من الأدلة من خلال تحليل نظائر إشعاعية أخرى.
الخاتمة
تمثل الصخور في حزام نوڤواغيتوك الأخضر قطعة ثمينة من الماضي الجيولوجي للأرض، حيث تقدم لنا نافذة فريدة لفهم كيف كانت الأرض في بداياتها. ومع ذلك، فإن التحديات العلمية والمجتمعية المحيطة بهذا الاكتشاف تبرز الحاجة إلى تعامل حذر ومتوازن مع مثل هذه الثروات الجيولوجية النادرة. بينما ينتظر المجتمع العلمي المزيد من الأدلة والحجج، يبقى حزام نوڤواغيتوك الأخضر شاهداً صامتاً على أقدم العصور الجيولوجية.