في عالم يواجه تهديدات متزايدة على الحياة البرية، يعتبر عاج الفيل هدفاً رئيسياً للصيادين غير الشرعيين، مما أدى إلى تراجع كبير في أعداد الأفيال الأفريقية. وفي محاولة للالتفاف حول قوانين حظر تجارة العاج، يلجأ المهربون إلى خلط العاج غير القانوني مع مواد أخرى قانونية مثل عاج الماموث. لكن العلماء في جامعة هونغ كونغ قد طوروا طريقة جديدة تعتمد على تحليل النظائر المستقرة للتمييز بين العاجين.
أهمية التمييز بين عاج الفيل والماموث
عاج الفيل يتم الحصول عليه من الأفيال التي تُقتل بشكل غير قانوني، في حين أن عاج الماموث يُستخرج من بقايا الماموث المحفوظة في التربة المتجمدة في مناطق مثل سيبيريا. يعتبر عاج الماموث بديلاً قانونياً ولكنه ليس بديلاً مثالياً لعاج الفيل نظرًا لاختلافاتهما من حيث اللون والملمس. هذا الفرق يجعل من عاج الماموث مادة أقل قيمة للخبراء والنحاتين.
تعتمد تجارة عاج الفيل على الطلب المرتفع والمستمر في الأسواق السوداء، مما يجعل من الصعب على الحكومات فرض القوانين اللازمة لحماية الأفيال. ومع ذلك، يمكن لعاج الماموث أن يوفر غطاءً قانونياً لتجارة عاج الفيل، وهو ما يعقد جهود مكافحة التجارة غير القانونية.
تحليل النظائر المستقرة كأداة للتمييز
يستخدم العلماء تحليل النظائر المستقرة للهيدروجين والأكسجين للتمييز بين عاج الفيل والماموث. تُظهر الدراسات أن أنماط النظائر الموجودة في الماء الذي يشربه الماموث في المناطق الباردة تختلف بشكل واضح عن تلك الموجودة في الماء الذي تشربه الأفيال في المناطق الاستوائية. هذه الاختلافات تسهل عملية تحديد مصدر العاج.
اختبر الباحثون 79 قطعة من العاج، منها 44 قطعة عاج فيل و35 قطعة عاج ماموث، ووجدوا أن هناك تداخلاً بسيطاً في نسب نظائر الأكسجين بين النوعين، بينما لم يكن هناك أي تداخل في نسب نظائر الهيدروجين، مما يجعلها مؤشراً فعالاً للتمييز بين النوعين.
التحديات والآفاق المستقبلية
رغم فعالية تحليل النظائر المستقرة، إلا أن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لفهم تأثير عوامل مثل العمر أو الجزء المأخوذ من العاج على نسب النظائر. هذا البحث قد يمهد الطريق لاستخدام هذه الطريقة كدليل في المحاكم لمكافحة التجارة غير القانونية بشكل أكثر فعالية.
تأمل العالمة ماريا سانتوس أن يتم تطبيق البروتوكول الموصوف في الدراسة لفحص دفعات كبيرة من الأجسام المصنوعة من عاج الماموث المزعوم. يمكن بعد ذلك اختبار العينات التي تحمل توقيع نظائري لعاج الفيل بطرق أكثر تكلفة وتأخذ وقتاً طويلاً مثل التأريخ بالكربون المشع.
الخاتمة
في الختام، يعتبر تحليل النظائر المستقرة للهيدروجين والأكسجين أداة واعدة للتمييز بين عاج الفيل والماموث. هذه الطريقة تقدم حلاً سريعاً وفعالاً للفحص الأولى لكشف العاج المشبوه، ومن ثم يمكن تركيز الجهود والموارد على اختبارات أكثر دقة للعاج الذي يظهر توقيعاً نظائرياً مشابه لعاج الفيل. مع استمرار الأبحاث، قد تصبح هذه الأداة وسيلة فعالة في مكافحة التجارة غير القانونية بالعاج وحماية الأفيال من الانقراض.