أظهرت دراسة حديثة أن الشمبانزي والأطفال الصغار يجذبهم مشاهدة التفاعلات الاجتماعية، حتى وإن كان ذلك على حساب مكافآت مادية. تتضمن هذه الدراسة نتائج مثيرة تبرز أن الفضول الاجتماعي ليس خاصًا بالبشر فحسب، بل يمتد عميقًا في جذورنا التطورية المشتركة مع أقربائنا من الرئيسيات.
الفضول الاجتماعي: سمة مشتركة بين الكائنات
عند النظر في السلوكيات اليومية للبشر، نجد أن الكثير منهم يستمتعون بمراقبة تصرفات الآخرين، سواء في المقاهي أو من خلال برامج الواقع التلفزيونية. الدراسة الجديدة التي أجريت من قبل فريق دولي من الباحثين كشفت أن الفضول الاجتماعي ليس مجرد سمة بشرية، بل هو مشترك مع الشمبانزي، أحد أقربائنا الرئيسيين.
قاد البحث د. لورا سيمون لويس من جامعة كاليفورنيا، وأوضحت أن الفضول الاجتماعي قد يكون له جذور تطورية عميقة، حيث لاحظت خلال سنوات من التجارب أن الأطفال والشمبانزي يقفزون أحيانًا من مقاعدهم لمراقبة أقرانهم.
التجارب والدوافع
الدراسة شملت ثلاث تجارب مختلفة أُجريت في مواقع متعددة مثل جزيرة نجومبا في أوغندا وحديقة حيوان أوكلاند بكاليفورنيا. استخدم الباحثون صناديق فضول خاصة تحتوي على أجهزة لوحية تعرض مقاطع فيديو، حيث كان على المشاركين الاختيار بين مشاهدة تفاعلات اجتماعية أو مقاطع لأفراد منفردين.
في التجربة الأولى، لاحظ الباحثون أن كلا النوعين قضيا وقتًا أطول في مشاهدة المشاهد الاجتماعية. أما في التجربة الثانية، فكان على المشاركين الاختيار بين مكافأة مادية أو مشاهدة فيديو اجتماعي، حيث اختار البعض الفيديو على المكافأة، مما يبرز أهمية الفضول الاجتماعي حتى عند التضحية بمكافآت مادية.
التفضيلات والاختلافات بين الجنسين
التجربة الأخيرة اختبرت تفضيلات المشاركين بين التفاعلات الإيجابية والسلبية. بينما لم يظهر الشمبانزي تفضيلًا واضحًا، أظهر الأطفال تفضيلات تعتمد على الجنس: فالأولاد أبدوا اهتمامًا أكبر بالتفاعلات السلبية مع تقدمهم في العمر، بينما فضلت الفتيات التفاعلات الإيجابية.
تشير هذه النتائج إلى أن الفضول الاجتماعي قد يكون جزءًا أساسيًا من تطورنا، حيث يساعدنا في فهم العلاقات الاجتماعية، وتجنب المشاكل، وتحديد من يمكن الوثوق بهم في المجتمع.
الخاتمة
في الختام، تُظهر هذه الدراسة أن الفضول الاجتماعي ليس مجرد ميزة بشرية، بل هو سمة مشتركة مع الشمبانزي. هذه النتائج تقدم فهمًا أعمق للكيفية التي تطورت بها هذه السمة، ودورها في مساعدتنا على التعلم واتخاذ القرارات وبناء العلاقات الاجتماعية. يقترح الباحثون أن الدراسات المستقبلية يمكن أن تستكشف كيف يتطور الفضول الاجتماعي لدى الشمبانزي الأصغر سنًا وعبر الثقافات البشرية المختلفة، وكذلك مقارنة الفضول بين البالغين من كلا النوعين.